المغربملفات ساخنةملفات ساخنة

بعد الصحراء.. المغرب يستعد لاستعادة “الجزر”.. وإسبانيا ترد بقـ ـوة وتتوعد


حيث ذكرت مصادر صحافية في البلدين الجارين أن وزيرة الدولة للشؤون الخارجية الإسبانية، كريستينا غالاش، استدعت على وجه السرعة، السفيرة المغربية في مدريد، كريمة بنيعيش، الإثنين، وطلبت منها توضيحا بشأن تصريحات رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، بشأن مدينتي سبتة ومليلية اللتين تطالب بهما بلاده.1




على بعد شهرين من الاجتماع المشترك للجنة العليا الإسبانية ـ المغربية المرتقب انعقادها في الرباط خلال شباط/ فبراير، بدأت غيوم دكناء تغطي على سماء العلاقات بين البلدين، بسبب مواقف مسؤولين إسبان من مستجدات قضية الصحراء من جهة، وبسبب تصريحات وزير الخارجية المغربي بشأن مدينتي سبتة ومليلية من جهة أخرى.

وجاء في بيان صادر عن مكتب الإعلام الدبلوماسي في وزارة الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون أن وزيرة الخارجية أبلغت السفيرة المغربية أن إسبانيا تتوقع من جميع شركائها احترام سيادة وسلامة أراضيها.




وكان رئيس الحكومة المغربية قال في مقابلة مع إحدى القنوات التلفزيونية العربية، إن أولوية بلاده في الوقت الحاضر هي قضية الصحراء التي اعترفت إدارة دونالد ترامب بالسيادة المغربية عليها.

في حين أن “الوضع الراهن لسبتة ومليلية استمر لخمسة أو ستة قرون”. لكنه حذر من أنه “سيأتي يوم نعيد فتح قضية سبتة ومليلية مثل الصحراء”.

وذكرت صحف إسبانية أن موضوع سبتة ومليلية لم يثره سعد الدين العثماني، لكن نظرًا لإلحاح الصحافي الذي أجرى معه مقابلة في السؤال حول ما إذا كانت الرباط تعتبر سبتة ومليلية قضية ذات أولوية، رد العثماني أن الأولوية بالنسبة لبلاده في الوقت الراهن هي قضية الصحراء، لكنها ستفتح ذات يوم هذا الملف مع إسبانيا.




وبمجرد أن وصلت تصريحات العثماني إلى إسبانيا، حتى ألقى زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو باللوم على “الانقسام الداخلي” للحكومة الائتلافية بين الحزب الاشتراكي وبوديموس و”الضعف الدولي” لإسبانيا.

ما أدى إلى المطالبة المغربية بسبتة ومليلية، ودعا في تغريدة على “تويتر” رئيس حكومة بلاده إلى الرد على المسؤول المغربي.

وهـ.ـاجم سانتياغو أباسكال، زعيم حزب “فوكس” الإسباني المتطرف، المملكة المغربية، وكتب على حسابه في تويتر: “سبتة ومليلية هي مدن إسبانية في أفريقيا منذ ما قبل وجود المغرب. وستظل المدينتان إسبانيتين حتى إذا لم يعد المغرب موجودًا”.

أما في المغرب فقد دافع المحلل السياسي والباحث الأكاديمي عبد الرحيم منار السليمي، على تصريحات رئيس الحكومة سعد الدين العثماني حول مدينتي سبتة ومليلية.

وكتب في تدوينة نشرها على حسابه في “فيسبوك”: “مطلوب دعم تصريح العثماني ضد إسبانيا.. السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني قال كلمة حق، ويجب تهنئته على ذلك”.

وأضاف قائلا: “إسبانيا تجاوزت الخطوط الحمراء منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن اعترافها بمغربية الصحراء، وكان يجب تذكيرها أنها تحتل سبتة ومليلية، وأنها دولة استعمرت الصحراء المغربية، وأنها تعد جزءا من المشكل. هذه حقائق يجب أن تقال لإسبانيا. لذلك، يجب تهنئة السيد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ودعمه في هذا التصريح”.

وتابع: “إسبانيا خاسرة بمواقفها المناهضة للمغرب، والمغرب يملك أوراقا كثيرة يمكن توظيفها ضد الإسبان ليعرفوا حجمهم. إسبانيا مطلوب منها الاعتذار عن تصريحاتها الأخيرة”.

أعلن رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، استعداد بلاده “الدائم لفتح الحدود مع الجزائر بدون تقديم أي مقابل”.



ومنذ عقود، تشهد العلاقات الجزائرية المغربية انسدادا على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وقضية إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة “البوليساريو”.

وأضاف العثماني أن بلاده “مستعدة لإنهاء ملف الحدود المغلقة حينما يكون الجزائريون مستعدون لذلك”.

وأوضح أن “قضية الكركرات، والتطورات الجارية في ملف الصحراء المغربية ساهم في تقوية موقف البلاد، وتعزيز الوحدة الترابية ، وكل ذلك ليس فيه أي إساءة الجزائر”.

وتابع: “الملك محمد السادس، وجه مرارا نداءه إلى الأشقاء في الجزائر بهدف الوصول إلى حل لجميع الإشكالات، بطرحها على طاولة النقاش والبحث عن حلول لها على أساس الأخوة”.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2019، أرسل العاهل المغربي محمد السادس برقية تهنئة إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون بتوليه منصبه رئيسا للجزائر، دعاه فيها إلى “فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء”.

وبحسب العثماني، فإن “موقف البلاد في هذا الصدد سيظل دائما ثابتا، ولن تسيء أبدا إلى جيرانها”.


واستدرك قائلا: “القضية الوطنية (إقليم الصحراء) ليست قضية مطروحة للمساومة”.

وبخصوص قضية سبتة ومليلية (تابعتان للإدارة الاسبانية وتطالب الرباط باسترجاعهما)، أوضح العثماني، أن “الجمود هو سيد الموقف حاليا وأن الموضوع ظل معلقا منذ 5 إلى 6 قرون مضت”.

وأشار إلى “إمكانية أن يفتح الملف في يوم ما، خصوصا بعد إنهاء قضية الصحراء، التي تعتبر أولوية ، ثم بعد ذلك سيأتي زمان سبتة ومليلية”.

ولفت إلى أن “كل هذه الأراضي مغربية، تتمسك بها البلاد كتمسكها بالصحراء”.

وبدأ النزاع بين المغرب و”البوليساريو” حول إقليم الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.

وتحول الصـ.ـراع إلى مواجهة مسـ.ـلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النـ.ـار، اعتبر “الكركرات” منطقة منزوعة السـ.ـلاح.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتـ.ـيا موسعا تحت سيادتها، بينما تطالب “البوليساريو” باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي لاجئيـ.ـن من الإقليم المتـ.ـنازع عليه.

تطبيع الجزائر مع المغرب: ممكن أم مستبعد؟

ما الذي فعله المغرب ليثير البلبلة بين بعض جيرانه؟ إن كان قد حصل على ما قد يعتبره هؤلاء دخولا أمريكيا غير مقبول على خط القضية الصحراوية، فلن يكون هو الملام على ذلك.

أما إن كان تطبيعه مع الإسرائيليين قد استفز مشاعرهم، فإنه لم يفعل كما فعل غيره، ولم يطبع مع الكيان الإسرائيلي.

كما قال وزير خارجيته الأحد الماضي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» لأن العلاقات معه «كانت أصلا طبيعية ولم تتوقف أبدا» وما حصل أنها استؤنفت فقط، على حد وصفه.

ومع ذلك فكثيرون، والجزائريون من بينهم، لا يبدون ارتياحا للخطوة المغربية الأخيرة، ويرون في ما يجري في المنطقة المغاربية من أحداث متسارعة، وآخرها الاتفاق الثلاثي المغربي الأمريكي الإسرائيلي، تهـ.ـديدا جديا لهم، لكن ما الذي يزعـ.ـجهم أكثر من غيره يا ترى: هل خريطة المغرب.




كما عرضها السفير الأمريكي في الرباط، ومهرها بتوقيعه؟ أم استئناف علاقات الجارة المغاربية مع الإسرائيليين، وإعادة فتح مكتب الاتصال الصهيوني فيها؟

بالنسبة للمغاربة فالموقف من المسألتين لن يكون بالضرورة واحدا، فمن يقبل منهم ويرحب بشدة وحرارة بهذه، لن يمتنع على الأرجح عن الاعتراض بقوة على تلك.

وهذا الأمر يبدو حتى داخل المغرب نفسه مفهوما ومقبولا إلى حد ما، لكن من ينكر الارتباط الوثيق بين القرارين؟ فحتى إن قالت السلطات إن ما تفعله أمر عادي وطبيعي.

فإن ذلك لا يعني أنه سيكون سهلا على المغاربة، أن يتجرعوا سم التطبيع بهدوء، ولو كانوا يعلمون أنهم كسبوا من ورائه اعترافا أمريكيا ثمينا بتبعية الصحراء لهم.

لكن جارتهم الشرقية وبقدر ما تبدي رفضها واعتراضها على ما وصفه المتحدث باسم حكومتها «مقايضة التزكيات بين المحتلين» من باب تمسكها بمناهضة الاحتلال في المطلق.

فإنها تتحسب أكثر على ما يبدو لتبعات الكسب المغربي من وراء العملية، بعد الاختراق الكبير الذي حققته الرباط في ملف الصحراء.

وليس من قبيل الصدفة، أو لمجرد الرد فقط على الشائعات القوية التي سرت في الجزائر، في الأسابيع الأخيرة، حول تعكر صحته، أن يظهر الرئيس الجزائري، أو يقرر المحيطون به أن يكون ظهوره الأحد الماضي للمرة الأولى منذ الإعلان قبل نحو شهرين عن نقله للعلاج في ألمانيا.

ليقول في جمل محدودة وقصيرة، ومن خلال شريط فيديو بث على حسابه على تويتر بعض العبارات المطمئنة عن حالته الصحية، والمبشرة بقرب عودته إلى الجزائر، ويتحدث عن بعض القضايا الداخلية، ثم يرسل وسط ذلك إشارة عابرة.

لكن دقيقة وقوية إلى جيرانه، قد تختصر تصور الجزائر وموقفها الحالي من التطورات المتسارعة، التي تحصل من حولها، بدون التعرض لها بالاسم، أو ذكرها بشكل مباشر، ما يترك الباب مفتوحا على الاحتمالات والتأويلات. فلا شك أن ذلك لم يكن عبثيا، لكن ليس معروفا بالضبط ما الذي قصده عبد المجيد تبون، حين قال «بالنسبة للأوضاع السياسية في المنطقة، فالجزائر قوية وأقوى من كل ما يظنه البعض.

وما يجري حاليا كنا ننتظره، ولكن الجزائر لا تتزعزع». فهل كان يعني ما أعلنه الرئيس الأمريكي ترامب الخميس الماضي، حول الاعتراف بمغربية الصحراء، وإقامة علاقات بين المغرب والكيان الإسرائيلي؟

أم أن الكلمة كانت مسجلة في وقت سابق لذلك الإعلان، وكانت صيغتها المبهمة والفضفاضة حمالة أوجه، وقابلة لأن تؤول الآن على أنها نوع من الرد الضمني على تلك الخطوة؟


الحسنة الوحيدة للتطبيع المغربي مع الإسرائيليين هي أنه سيسمح لجيران المغرب أن يدركوا الفارق بين العدو الحقيقي والعدو الوهمي

المصدر: القدس العربي



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى